- إلياس المغتربنائب مؤسس الموقع
- رقم العضوية : 2
الدولة :
عدد المساهمات : 7389
نقاط : 432699
السٌّمعَة : 28
تاريخ التسجيل : 22/12/2012
شبح ميليشيات السبعينات يخيم على لبنان
مراقبون يتحدثون عن تحجج الحكومة اللبنانية بعدم "الوقوف إلى جانب اللاجئين السوريين" بإعلان تخوفها من عودة ظهور ميليشيات مسلحة على غرار ما شهدته البلاد في السبعينات خلال الحرب الأهلية بيروت - ثمة تباطؤ في التقدم الحاصل على مستوى تقديم المزيد من المساعدات بصورة أفضل إلى اللاجئين السوريين المتدفقين بشكل مستمر إلى لبنان، وذلك بسبب تردد الحكومة اللبنانية الناجم عن مخاوفها من احتمال أن يؤدي العنف المستمر في سوريا إلى زعزعة استقرار الأوضاع السياسية الهشة في البلاد. وقد خلفت الاشتباكات الطائفية في مدينة طرابلس في شمال لبنان خلال الأسابيع الأخيرة ما لا يقل عن 15 قتيلاً و120 جريحاً. ورغم دعوة السياسيين من جميع التيارات إلى التهدئة، يرى العديد من الناس أن اللاجئين يشكلون تهديداً أمنياً. ومن جهته، قال العميد إبراهيم بشير، الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة– وكالة معونة في مكتب رئيس الوزراء "تم إنشاؤها في الأصل من أجل تنسيق إعادة الإعمار بعد الحرب في عام 2006"- أن أولويته الرئيسية كانت "الحفاظ على أمن هذا البلد". والوضع في لبنان متوتر للغاية: في التاسع من أغسطس "آب"، تم القبض على ميشال سماحة، وهو وزير إعلام سابق، له علاقات وطيدة مع دمشق، بتهمة التخطيط لشن هجمات بالقنابل في الشمال، من بينها هجوم يستهدف البطريرك الماروني. ومع ذلك يبدو أن جميع الأحزاب الكبرى لديها الرغبة في الحفاظ على استقرار الوضع. ولكن بعض المحللين السياسيين يبدون تفاؤلاً حذراً حيال ذلك. وقال رامي خوري، من الجامعة الأميركية في بيروت،: "لقد امتدت الآثار الكبرى من سوريا إلينا بالفعل، وأنا لا أتوقع المزيد... لقد شهدنا تلك الآثار الناتجة عن الوضع في سوريا، مثل إطلاق النار وعمليات الخطف وهذا سوف يستمر، ولكنني لا أعتقد أن الأمور ستزداد سوءاً". ولطالما عاملت سوريا– التي لم تسحب جيشها من لبنان إلا في عام 2005- لبنان على أنها دولة عميلة لها، ويتم تصنيف العديد من الفصائل السياسية اللبنانية بصفة عامة على أنها إمّا موالية أو مناهضة للحكومة السورية. ويعد تحالف 8 آذار تحالفاً للقوى الموالية لسوريا مثل حزب الله الشيعي وحركة أمل الشيعية والتيار الوطني الحر المسيحي بقيادة الجنرال ميشال عون. ويعد تحالف 14 آذار– المؤلف من تيار المستقبل السني والقوات اللبنانية وأحزاب مستقلة أخرى- الجبهة المناهضة لسوريا. وعلى الحكومة أن تسير على الحياد عند تنفيذها لعمليات تقديم الدعم للاجئين. وقال أمين عام الهيئة العليا للإغاثة في لبنان،: "نحن نفضل التعامل مع هذه المشكلة بسلاسة وهدوء، دون اختلاق أية مشاكل قد تتسبب في اندلاع حرب أهلية جديدة في لبنان". وأوضح أن تزويد اللاجئين ببطاقات تسجيل رسمية أو إقامة المخيمات سيكون أمراً ضاراً. ويقول عمال إغاثة إن المناطق التي يتخذها اللاجئون السوريون كملجأ في الشمال يتم قصفها من قبل الجيش السوري "رداً على قيام المتمردين بإطلاق النار عليهم ليلاً". وتحتاج منظمات الإغاثة إلى تصريح من الجيش اللبناني لدخول تلك المناطق، وهو ما يشير إلى أن أولوية الحكومة اللبنانية هي منع التسلل اللبناني للمنطقة بغية تسليح اللاجئين، بدلاً من ضمان سلامتهم. ولبنان ليس من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، لذلك فإن البلاد ليست ملزمة بالاعتراف باللاجئين الذين تشير إليهم الحكومة كمجرد "زائرين". وتؤكد مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن الحكومة تقوم بجهود الإغاثة الخاصة بها وأن الحدود ما زالت مفتوحة أمام اللاجئين السوريين. ولبنان ليس غريباً عن اللاجئين حيث أنه يستضيف بالفعل 445 ألف فلسطيني في 12 مخيماً. وقد أدى تدفق الفصائل الفلسطينية المسلحة في السبعينات إلى تغير توازن القوى بين الطوائف، الأمر الذي أدى إلى حدوث سباق تسلح بين الميليشيات المختلفة بلغ ذروته في اندلاع حرب أهلية دموية "1975-1990" خلفت 150 ألف قتيل على الأقل. واللاجئون الفلسطينيون الآن محرومون من العديد من الحقوق الأساسية في لبنان، حيث تحولت مخيمات اللاجئين إلى أحياء فقيرة تعتمد على الخدمات الأساسية، التي تقدمها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا". هذا وتندلع بشكل متكرر اشتباكات بين الجماعات المتطرفة من المخيمات والجيش اللبناني. وقال سيمون فضول، رئيس رابطة كاريتاس في لبنان، إن الحكومة تخشى من تكرار الأمر مع السوريين، فيتحوّل لجوءهم إلى وضع دائم بحيث لا يعود الناس إلى سوريا. هذا ويخشى الكثيرون من إمكانية أن تستخدم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كمراكز انطلاق للمتمردين السوريين. ويعتقد فضول أن إنشاء مخيمات رسمية للاجئين قد يضع الحكومة اللبنانية في خلاف مع نظام الأسد في سوريا، وسيكون مخاطرة لا ترغب حكومة 8 آذار القيام بها. هذا وتؤثر التدخلات السياسية على جهود الإغاثة حيث لم يتم السماح حتى شهر يوليو "تموز" الماضي للهيئة العليا للإغاثة بالعمل في وادي البقاع الذي يأوي حالياً العديد من اللاجئين السوريين. وفي نفس الوقت، بدأ اللاجئون في تشييد مخيمات مؤقتة في بعض المواقع، لكنها تفتقر إلى مرافق الصرف الصحي اللائق. ويقول عمال الإغاثة الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم ويعملون في إحدى المنظمات غير الحكومية الدولية، إن المناقشات حول بدائل للمخيمات متواصلة- على سبيل المثال بناء مبانٍ فردية مؤقتة- وهناك حاجة إلى اتخاذ قرارات سريعة نظراً لاقتراب فصل الشتاء. ويُعتبر وادي خالد ووادي البقاع حيث يقيم معظم اللاجئين من بين المناطق الأشد برودةً في لبنان. وقد وجد 53 بالمائة من اللاجئين في الشمال مأوى لهم مع أقاربهم اللبنانيين أو في منازل خاصة أخرى طبقاً لما ذكره التقييم الأخير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ولكن في البقاع، وهي منطقة تقطنها غالبية مسيحية وشيعية، لا يتمتّع اللاجئون "وغالبيتهم من السنة" بنفس الدرجة من الروابط الأسرية. ورغم قدرة بعض اللاجئين على تحمل نفقات إيجار شقق وغرف في الفنادق، إلا أن الآخرين يعيشون في المساجد والمدارس المهجورة. وأضاف فضول من رابطة كاريتاس، أنه قد يكون هناك مشكلات كبيرة في الإقامة، إذا استمر توافد اللاجئين، مؤكداً أن "الأعداد تتزايد بسرعة كبيرة والأماكن تزداد ندرة". وسجلت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في لبنان 41,949 لاجئاً من سوريا. ولكن اللجنة العليا للإغاثة أخبرت شبكة الأنباء الإنسانية أن تلك الأرقام غير دقيقة حيث أن العديد من اللاجئين قد دخلوا لبنان لتجنب أسوأ أعمال القتال ولكنهم عادوا مرة أخرى إلى بلادهم. كما أن العديد من هؤلاء الذين تم تسجيلهم كانوا موجودين بالفعل في لبنان كعمال موسميين منذ فترة طويلة. ويعترض فضول أيضاً على صحة الأرقام الرسمية، قائلاً إن العديد من اللاجئين لم يقوموا بتسجيل أنفسهم خوفاً من أن يتم تسليم أسمائهم إلى السلطات السورية. وقال فضول،: "نحن نعرف جميعاً أن عدد اللاجئين السوريين في لبنان يزيد عن 150 ألف. ولدينا أصلاً 300 ألف عامل موسمي سوري في لبنان من قبل الحرب. فكم عدد الذين أتوا من مناطق مثل حمص وحلب ودمشق؟ وكم عدد الذين دعوا عائلاتهم الآن للمجيء إلى لبنان؟ وهناك آلاف آخرون قاموا باستئجار غرف في الفنادق وشقق وهم ليسوا مسجلين، لأن لديهم وسائل للنجاة بطرقهم الخاصة. وكم من الآلاف حضروا ويعيشون الآن مع أقاربهم؟ فسواء أحببنا ذلك أم لا، لا بد وأن نقوم باعتبار هؤلاء الناس كلاجئين". وتحاول اللجنة العليا للإغاثة إيجاد مصادر تمويل بديلة لعمليات الإغاثة التي تقوم بها، لأن الأموال الحكومية قليلة ولأن الجهات المانحة الدولية الرئيسية لا تقوم بتوجيه أموالها من خلال اللجنة العليا للإغاثة. وقال مسؤولون دوليون للإغاثة، إنه كان هناك نقاش حول إمكانية وكيفية تولي وزارة الشؤون الاجتماعية "اللبنانية" مسؤولية بعض جهود الإغاثة، ولكن الانقسامات داخل الحكومة أحبطت أية قرارات واضحة حتى الآن. "إيرين" |