|
|
- هيامةمدير عام
- الاوسمة :
الدولة :
عدد المساهمات : 1921
نقاط : 244468
السٌّمعَة : 16
تاريخ التسجيل : 20/06/2013
بطاقة الشخصية
حقل النص:
عروس الجنوب
زهر نيسان يتفتّح مع مقتل كل جندي صهيوني مغتصب، وضياء السّماء تنجلي مع كل سناء. تحرير الأرض كان حلمها، والشّهادة كانت قرارها إنتقامًا لآلاف الأطفال والنّساء والرجال الأبرياء الذين عانوا جرّاء الوحشيّة الإسرائيليّة التي نكّلت بفلسطين ولبنان وشعبهما... سناء محيدلي إبنة السابعة عشرة إتّخذت قرار الشّهادة من أجل القضيّة العربية، وسطّرت تاريخًا وطنيًا مشرّفًا وخلّد ذكراها لدى المؤمنين بالقضية في حين كانت بعض الأنظمة العربية تبيع أرض فلسطين وتتآمر على لبنان مقابل تعزيز المصالح المشتركة مع العدو الصّهيوني.
محيدلي، فتاة لبنانية من مواليد عنقون في قضاء الزهراني جنوب لبنان من كوادر الحزب السوري القومي الاجتماعي. كانت أول فتاة استشهادية في العمليات ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان. تأثرت بسيرة الشهيد وجدي الصايغ الذي نفّذ عمليّة إستشهاديّة على معبر جزين- كفرحونة ضد قوات الإحتلال.
فاقتحمت الشّهيدة محيدلي صباح يوم الثلاثاء في التّاسع من نيسان 1985 تجمّعاً لآليات جيش الإحتلال الإسرائيلي على معبر باتر– جزين، بسيارة "بيجو 504 " بيضاء اللون ومفخّخة بأكثر من 200 كلغ من "التي أن تي"، وفجّرت نفسها وسط التجمّع الذي كان ينظّم المرحلة الثانية من الإنسحاب من القطاع الشرقي لجنوب لبنان. وبالتّالي، قتل ضابطان من الجيش الإسرائيلي إضافةً إلى جرح جنديين آخرين، وتفيد معلومات أنه أسفر عن إصابة 50 شخص بين قتيل وجريح .
إحتفظت "إسرائيل" بأشلاء محيدلي حتى تموز/ يوليو2008، حين أعيدت رفاتها بعد مفاوضات بين حزب الله والحكومة الإسرائيليّة لتبادل الأسرى وجثث المقاتلين بين الطرفين وسلِّمت لذويها ليتم دفنها في مسقط رأسها.
العمليّة النّوعية التي نفذتها لا يمكن إلاّ أن تبقى راسخة في عقول معظم اللبنانيين، وخاصةً وأن أجزاءً من أرضنا لا تزال محتلّة، وطالما أن الحركة الصّهيونيّة العالميّة التي ترمز إليها "إسرائيل" لا تزال تنخر بالجسم الفلسطيني ولا تكتفي بما استولت عليه من فلسطين لا بل لا تحقّق إنتصارها كاملاً إلا إذا استولت على المناطق الممتدة من الفرات إلى النيل. وصية محيدلي لامست قلوب المقاومين وعزّزت الحس الوطني ورقصت على أنغام الدماء والأشلاء بدموع وابتسامة.
"أحبائي إن الحياة وقفة عز فقط" أنا لم أمت بل حية بينكم أتنقل... أغني...
أرقص..أحقق كل آمالي.. كم أنا سعيدة وفرحة بهذه الشهادة البطلة التي قدمتها.
أرجوكم.. أقبل أياديكم فرداً فرداً لا تبكوني..لا تحزنوا علي. بل افرحوا اضحكوا للدنيا طالما فيها أبطال.. طالما فيها آمال بالتحرير..إنني بتلك الصواعق التي طيّرت لحومهم وقذارتهم بطله.. .
أنا الآن مزروعة في تراب الجنوب أسقيها من دمي وحبي لها...آه لو تعرفون إلى أي حد وصلت سعادتي ليتكم تعرفون لكنتم شجعتم كل الذين سائرون على خط التحرير من الصهاينة الإرهابيين.
مهما كانوا أقوياء إرهابيين قذرين، هم ليسوا مثلنا.. إنهم جبناء يطعنون من الخلف ويغدرون، يتلفون شمالاً ويمينًا هربًا من الموت..
التحرير يريد أبطالاً يضحون بأنفسهم غير مبالين بما حولهم، ينفذون، هكذا تكون الأبطال...
إنني ذاهبة إلى أكبر مستقبل، إلى سعادة لا توصف، لا تبكوا عليّ من هذه الشهادة الجريئة، لا، لحمي الذي تناثر على الأرض سيلتحم في السماء..
آه " أمي " كم أنا سعيدة عندما سيتناثر عظمي عن اللحم، ودمي يهدر في تراب الجنوب من أجل أن أقتل هؤلاء الأعداء الصهاينة والكتائب نسوا بأنهم صلبوا مسيحهم.. أنا لم أمت هذه واحدة والثانية ستأتي أكبر و ستليها ثالثة ورابعة ومئات العمليّات الجريئة.
فضّلت الموت من أن يغرني انفجار أو قذيفة أو يد عميل قذر، هكذا أفضل و اشرف ،أليس كذلك..
ردوا على أسئلتي سأسمع بالرغم من أنني لست معكم، سأسمع لأن صوتكم وضحككم الجريء سيصل إلى كل حبة تراب سقيتها بدمي. وسأكون صاغية هادئة لكل حركة، لكل كلمة تلفظونها..
أجل هذا ما أريد ولا تغضبوا علي لأني خرجت من البيت دون إعلامكم...
أنا لم أذهب لكي أتزوج ولا لكي أعيش مع أي شخص بل ذهبت للشهادة الشريفة الباسلة السعيدة..
وصيتي هي تسميتي "عروس الجنوب".
سناء محيدلي رمز أنثوي بارز في تاريخ العالم العربي، نضب أمثالها، ويا ليت النساء العربيات يفقهن ذاك النموذج السّامي من النّضال في سبيل الوطن والقضية، ويا ليت الأمراء العرب الذين موّلوا الجماعات التكفيرية في سوريا ودفعوهم إلى تنفيذ العمليات الإنتحاريّة تحت راية الإسلام، جعلوا بوصلتهم الأراضي المحتلّة وتحرير فلسطين..