ازدواجية حرية التعبير الغربية تورط "صنداي تايمز"

الأربعاء يناير 30, 2013 12:59 pm

«معاداة السامية» الطريق السريع للإعتذار

يبدو أن الصحيفة البريطانية الشهيرة "صنداي تايمز" لم تستوعب بعد درس حرية التعبير الغربية حيث تسبب رسم كاريكاتيري يصور نتنياهو بطريقة "عدائية" في وضعها في مأزق.

لندن- اعتذر قطب الاعلام روبرت مردوك الاثنين عن رسم كاريكاتوري نشرته صحيفة "صنداي تايمز" المملوكة له، يصور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يبني جدارا تتخلله جثث فلسطينيين باستخدام اسمنت ممزوج بالدم وذلك بعد شكاوى من جماعات يهودية.

وسرعان ما انهالت الاعتذارات على نتنياهو وإسرائيل من جميع الجهات بسبب الرسم "العدائي والغريب" خاصة بعد دخول الكنيست الاسرائيلي على الخط.

"غريبة حرية التعبير الغربية" حين يتعلق الأمر باليهود و"معاداة السامية"، توضع لها قواعد وحدود وتعلو عبارات الشجب والرفض والتنديد بـ"العنصرية". لكن حين يتعلق الأمر بمعتقدات المسلمين فالأمر برمته مسألة تتعلق بـ"حرية التعبير". كان أكمل الدين إحسان أوغلي، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، قال إن معارضة الغرب جعلت من المستحيل على الدول الإسلامية تحقيق فرض حظر على ازدراء الأديان التي سبق أن فجرت أعمال شغب قاتلة بسبب رسوم كاريكاتورية عن النبي محمد.

وقال إحسان أوغلي "لم نتمكن من إقناعهم". وكانت المنظمة قد حاولت من عام 1998 حتى 2011 الحصول على دعم الأمم المتحدة لفرض حظر على ازدراء الأديان. وأضاف "لا تصوت الدول الأوروبية معنا ولا تصوت الولايات المتحدة معنا. وترى الدول الغربية نشر تلك الصور والمواد مسألة تتعلق بحرية التعبير".

الجمعيات اليهودية في الغرب يصح أن يطلق عليها تسمية "حارس البوابة" فهي لا تفوت صغيرة أو كبيرة تتعلق باليهود حتى تؤلب الرأي العالمي ضده، وأن لم تقنع فالتهمة الأقرب ستكون "معاداة السامية".

وفي فرنسا كسبت جمعيات يهودية دعوى ضد موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" طالبتها بكشف معلومات المعادين للسامية على تويتر على خلفية هاشتاق "اليهودي الطيب".

يذكر أن رسم فنان الكاريكاتير جيرالد سكارف المنشور في العدد الأسبوعي للصحفية يشير إلى الجدار الذي تشيده إسرائيل منذ عشر سنوات في الضفة الغربية. وبدأ مشروع الجدار في ذروة انتفاضة فلسطينية وقالت إسرائيل إنه وسيلة لوقف تسلل المهاجمين الفلسطينيين إليها. وحمل عنوانا يقول "الانتخابات الإسرائيلية هل يستمر تعزيز السلام؟".

وقال مردوك في تغريدة في موقع "تويتر" إن سكارف لم يعكس آراء الصحيفة "لكننا مدينون بإعتذار كبير عن الرسم الغريب والعدائي".

وقال متحدث باسم شركة "نيوز انترناشونال" -التي تصدر "صنداي تايمز"- إن رئيس تحرير الصحيفة اجتمع مع قادة الجماعات اليهودية في بريطانيا الثلاثاء للتعبير عن أسفه لنشر الرسم.

وفي المقابل، قال مجلس نواب اليهود البريطانيين إن الرسم الكاريكاتيري "تذكير صادم برسوم التشهير التي تشير إلى الدماء وكثيرا ما تنشر في قطاعات من الصحافة العربية المعادية بشدة للسامية". وأضاف المجلس إنه تقدم بشكوى ضد الرسم الكاريكاتوري إلى مفوضية شكاوى الصحافة.

ونفت "صنداي تايمز" أن يكون الرسم معاديا للسامية قائلة إنه استهدف نتنياهو وليس الشعب الإسرائيلي. وقالت الصحفية إن توقيت نشر الرسم ارتبط بفوز حزب نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية.

وفي هذا السياق، بعث رئيس الكنيست الإسرائيلي رؤوبين ريفلين برسالة إلى رئيس مجلس العموم البريطاني تتضمن احتجاجا شديد اللهجة على الرسم الكاريكاتيري .

وقال ريفلين في سياق الرسالة التى أوردها راديو "صوت إسرائيل" صباح الثلاثاء إن هذا الرسم يذكر أبناء الشعب في إسرائيل بفترات قاتمة في تاريخ الإنسانية، مشيرا إلى أن الجمهور في إسرائيل يشعر بخيبة أمل شديدة تجاه إتاحة الفرصة أمام نشر مثل هذه الرسم في بريطانيا اليوم.

وتساءل رئيس الكنيست قائلا هل يدل ذلك على وجود تيارات مخفية ذات أفكار وعقائد
مشوهة في بريطانيا.

وأشار إلى أنه يؤيد حق التعبير وتوجيه الانتقادات ولكن هذا الرسم يجتاز جميع حدود حرية التعبير.
كان سفير إسرائيل في لندن دانيئيل طاوب قد أعرب عن قلقه من نشر مثل هذا الرسم "اللا سامي الفظ " – على حد قوله – في إحدى الصحف الرئيسية البريطانية. واتهمت "رابطة مكافحة التشهير"، ومنظمات يهودية أخرى، "صنداي تايمز" بمعاداة السامية، وطالبت الرابطة الصحيفة باعتذار فوري.

وكان رئيس الحكومة السابق، طوني بلير، الذي يمثل حالياً اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، أدان الكاريكاتير الإثنين في اجتماع مع نتنياهو.

يذكر أن رسام الكاريكاتير المخضرم سكارف يعمل لدى الصحيفة منذ عام 1967، وصرح لصحيفة "جيويش كرونيكل " أنه لم يكن واعيا لتزامن نشر الكاريكاتير مع ذكر الهولوكوست، وأنه يعتذر بسبب التوقيت غير المقصود".