- إلياس المغتربنائب مؤسس الموقع
- رقم العضوية : 2
الدولة :
عدد المساهمات : 7389
نقاط : 432859
السٌّمعَة : 28
تاريخ التسجيل : 22/12/2012
مدينة وليلي: جوهرة المغرب وسليلة الرومان
قبل الوصول إلى مدينة مكناس توجد مدينة يقول عنها أبناء المنطقة أنها "التاريخ"، فعلى بعد 3 كيلومترات غرب مدينة مولاي إدريس زرهون، تنتصب مدينة مختلفة تماما عن غيرها، هي أولا مدينة بلا سكان، وعمارتها مشكلة من أسوار وأقواس رومانية. مدينة وليلي المغربية كانت عاصمة مقاطعة "موريتانيا الطنجية" المزدهرة خلال حقبة سيطرة الرومان على شمال أفريقيا. ورد ذكر مدينة وليلي في مصادر تاريخية عديدة، وأثبتت الأبحاث الأركيولوجية التي أنجزت بالموقع أن الوجود الإنساني في المدينة يعود إلى ما قبل القرن الثالث قبل الميلاد كما تدلّ على ذلك نقيشة بونيقية. ولذلك حظيت المدينة بإدراجها ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1997. تعد مدينة "وليلي" جزءا من إمبراطورية الرومان وإرثهم، إذ خلفوا وراءهم مدنا تاريخية قديمة وتحفا معمارية ضُمت إلى قائمات الإرث الإنساني العالمي "اليونسكو". مدينة وليلي ذات أسلوب متميز في فن البناء والعمارة، حيث كان الرومان يصدون الهجمات التي يشنها الأمازيغ عليها من أجل الاحتفاظ بها. لقد عاشت هذه المدينة عصرها الذهبي قبل ميلاد المسيح. وبعدها عاش عدد من الأمازيغ بين أسوارها، ولكن بعد تشييد مدينة "فاس" دخلت هذه المدينة التاريخية عالم النسيان، كما تعرضت وليلي إلى زلازل أرضية، مثل زلزال عام 1755 الذي تسبب في هدم الأعمدة الرومانية والتي تعد جزءا من فن العمارة الروماني، وتم السطو على المرمر ونقله إلى قصور الأمراء والملوك. ورغم كل ما تعرضت له المدينة إلا أن منظمة اليونسكو ضمتها سنة 1997 إلى قائمات الإرث الإنساني، ولا تزال أفواج الزوار تتهاطل على هذه المدينة النائية المهجورة، وبوسع الزائر وبمساعدة الدليل السياحي مشاهدة المباني الرومانية والساحات الرئيسية والمعبد والبوابات، وتضم المدينة حاليا آثار قصر الفارس القائد الأعلى، والمعبد الرئيسي، وعديد اللوحات الفسيفسائية، وبيت الكلاب، والحمامات الرومانية، وقوس النصر، وبيت الـ 12 عاملا لهرقل، وباب طنجة، ودار فينوس، والمعبد الثاني. لقد سُكنت هذه المدينة في الفترة الممتدة بين القرن الثالث ق م والعام 40 ميلاديا، وفي عام 45 ميلاديا تم احتلالها من قبل القيصر الروماني "كلاوديوس" وكانت تعد في تلك الفترة من أهم مدن مقاطعة شمال أفريقيا الرومانية. اشتهرت المدينة منذ القرن الثامن عشر كتحفة من الأزمنة القديمة، وفي نهاية القرن التاسع عشر بدأت عمليات الحفريات والتنقيب، ورغم تواصل البحث طيلة فترة طويلة، إلا أن عديد المواقع مازالت خارج الجهد البحثي. قصر الفارس القائد الأعلى يقع في القسم الجنوبي من المدينة وكان يترك انطباعا رائعا لأنه كان كبيرا ويقابل الفناء الذي امتاز بأسلوب فني معماري جميل ولوحات فسيفسائية ارضية تحتوي رسوما للأسماك والحيتان، إضافة إلى قاعة الاستقبال المليئة بالتحف والمجوهرات والزينة. وقد اكتشف في المدينة وجود معصرة زيتون حيث تعرف هذه المنطقة بانتشار غراسة أشجار الزيتون. تمكن علماء الآثار من التنقيب عن التحف والآثار في هذه المدينة وعمدوا الى تنظيف أجزاء كبيرة من الاعمدة الرومانية والأسوار بالإضافة الى الجزء المهم من المعبد. تعد مدينة وليلي من أهم ما تركه الرومان من آثار في المغرب وشمال افريقيا، وما تزال لوحات الفسيفساء في القصور الكبيرة تحتفظ بجودتها ودقتها، ويذكر هنا أن المدينة تضمّ لوحة فسيفساء لرجل يركب الحمار بالمقلوب وهو ما يفسره سكان المنطقة بأنه إحالة إلى جحا الروماني. كانت المدينة تعد مستوطنة مهمة للرومان وتقع على مساحة 40 هكتارا وتوفر للزوار رحلة شيقة الى عوالم فن العمارة والتصميم الروماني، وفي عصرها المزدهر عاش على أرض المدينة أكثر من 10 آلاف ساكن، أما عصرها اللامع فيمتد بين 190 ـ 211 ميلاديا، ففي هذه الفترة تم تشييد عديد المباني والمنشآت التي تميز المدينة مثل القصور والفسيفساء والحمامات والمعبد وباب طنجة، وتمثل اكثر المواقع زيارة من قبل الزوار والسياح. يعرف الامازيغ بأنهم أصحاب تاريخ مقاومة وبطولة في كل أجزاء المغرب العربي سواء ضد الرومان أو ضدّ الاستعمار في التاريخ المعاصر، ولم يشذّ سكان مدينة وليلي عن هذه القاعدة في دفاعهم عن أرضهم ومدينتهم ضد كلّ من سوّلت له نفسه بأن تطأ أقدامه أرض المغرب وهذا ما حدث في المدينة عام 40 ميلاديا حين دافع الأمازيغ عن المدينة ضد الغزاة الرومان. وقبل الخروج من المدينة القديمة يوجد محلّ لبيع الهدايا التذكارية للزوار مساهمة من صاحبه في طبع أركان المدينة في ذاكرة زوارها، كما يوجد عند أسوارها الخارجية مقهى شعبي يودّع زوار وليلي بالشاي المحلّي. |