- إلياس المغتربنائب مؤسس الموقع
- رقم العضوية : 2
الدولة :
عدد المساهمات : 7389
نقاط : 432859
السٌّمعَة : 28
تاريخ التسجيل : 22/12/2012
احذروا هذا الشاعر !!
الحاج
عندما بدأنا ندخل عالم الكتابة، كانت ثمّة مناوشات من حولنا تقول: "احذروا هذا الشاعر أو ذاك، فقد تقعون في شِباك التأثّر بعوالمه الشِعريّة التي قد لا تستطيعون التحرر منها فيما بعد". من بين هذه الأسماء الشعرية الكبيرة كان "أنسي الحاج" الاسم الأكثر رهبة، ومع كثرة الحذر ووصاياه، ظلّت رائحة قصائد صاحب "الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع" تفوحُ من كتاباتنا. الحذر الشديد كان، في حدّ ذاته، بمثابة الفخّ ، فالتعرف إلى تجارب الآخرين، والتنقل بينها، ليسَ سوى الدخول إلى حديقةٍ لها ورودها وأشجارها، وما غاية التنقل فيها سوى أخذ الرحيقِ ليسَ إلا. ولعل من أهم ما يميّز هذه التجربة، تجربة التوغّل في حدائق الشعراء، هو ما وقفنا عليه من "شعريّة باذخة" في مقدمة ""لن"" لأنسي الحاج، وهي مقدّمة لم يُكتب مثلها حتى يومنا هذا، وذلك لكونها مثّلت بيانا لقصيدة النثر حمل اسم أنسي الحاج، وكما "ابن خلدون بمقدمته التاريخيّة، كذلك أنسي بمقدمة لن"، مع التحفظ على ما يتداول من اتكائه على كتاب الفرنسية سوزان برنار "قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا. يُضاف إلى ذلك النَفَس الشِّعريّ الطويل جداً، الذي حكم "الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع"، مع أن طول عنوان الديوان يتعارض مع ما قاله أنسي الحاج في مقدمة ""لن""، حيث نقرأ له قوله:"يجب أن تكون قصيدة النثر قصيرة لتوفر عنصر الإشراق". وتنهض ثالث ميزات حديقة أنسي الشعرية في ديوانه "ماذا صنعت بالذهب، ماذا فعلت بالوردة" وهو عمل تتجلّى فيه اللغة رشيقة كصبيّة تحمل على كتفها جرّة ماء وهي تعود مبللة الثوب من النبع، وفيه قصائد لا تشبه في تناولها لثيمة الحبّ أغلب قصائد الشعراء. ويبقى ديوان "خواتم" مشعّا بأشعارٍ هي من الشِعر حِكميّ قريبة قربَها من الـهايكو في بعض الأحيان. بناء على ما سبق، يمكننا أن نقول عن "أنسي" بأنه أكثر من شاعر، وهذه الصفة "أكثر"، تليق به لكونه شاعراً مُجدّداً ومُتجدّداً مع صدور كل ديوان من دواوينه، وحتى خلال التنقل من قصيدة إلى أخرى ضمن الديوان الواحد، نُلفي له لغة مبتكرة جدّا. |