|
|
- إلياس المغتربنائب مؤسس الموقع
- رقم العضوية : 2
الدولة :
عدد المساهمات : 7389
نقاط : 431819
السٌّمعَة : 28
تاريخ التسجيل : 22/12/2012
الأزمة السورية تدفع إسرائيل إلى مراجعة استراتيجيتها
حدودها مع سوريا
تلقي الأزمة السورية بثقلها لا فقط على الوضع الداخلي لسوريا، بل لها أيضا تداعياتها المؤثّرة على الساحتين الإقليمية والعالمية. وتعتبر اسرائيل من أكثر الجهات اهتماما بمصير الأزمة السورية وتداعياتها. وما فتئ الاسرائيليون، منذ اندلاع الأزمة السورية، يرصدون التغييرات الحاصلة في هذا الملف وتطوراته. وفي رصد جديد للوضع السوري وتأثيره على اسرائيل صدر عن معهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي تقرير استراتيجي جديد، ضمن "تقديرات استراتيجية لإسرائيل 2012-2013، حول "مخاطر الأزمة السورية والفرص التي تمثلها بالنسبة إلى إسرائيل" يرى معدّ التقرير الخبير بالشؤون السورية إيال زيسر أنه "بغض النظر عمّا سيؤول إليه النظام السوري، وسواء استطاع النظام الحالي المحافظة على بقائه بقوة سلاح جيشه، أم سقط وحلّ محله نظام سياسي جديد، فالظاهر أن سوريا لن تعود بسرعة إلى أداء دور أساسي في السياسة الإقليمية. ويمكن الافتراض أنه في المستقبل المنظور سيكون من الصعب على أي نظام في دمشق السيطرة على أنحاء الدولة كافة، وسيصبح الوضع في سوريا شبيها بما كان سائدا خلال العقود الأولى لاستقلال هذه الدولة. كما يبدو أيضا أن سوريا ستتحول مستقبلا إلى مرتع للمجموعات الإرهابية الراديكالية الإسلامية، مثل تنظيم القاعدة، وسيصبح "الإخوان المسلمون" من عناصر القوة المهمة في الدولة. منذ قرابة عامين، أي منذ نشوب الثورة في سوريا، تتابع إسرائيل عن كثب وبقلق ما يحدث هناك. ولم يعد في إسرائيل من يأمل بالمحافظة على الوضع القائم على طول الحدود بينها وبين سوريا، بل هناك توقعات بسقوط النظام السوري، وسيشكل ذلك صفعة قاسية لمكانة كل من إيران وحزب الله في المنطقة. لكن على الرغم من ذلك، وإلى جانب الآمال التي يثيرها التغيير في سوريا، فإن إسرائيل تتخوف من أن يحل محل الهدوء المسيطر على هضبة الجولان الفوضى والإرهاب اللذان تختبرهما إسرائيل اليوم على طول الحدود مع مصر في شبه جزيرة سيناء. علاوة على ذلك، فإن مصير السلاح المتطور الذي يملكه الجيش السوري يقضّ مضجع متّخذي القرارات في إسرائيل. في المقابل، فإن الوضع في سوريا يفتح نافذة من فرص أمام إسرائيل، يمكن استغلالها مع القوى الإقليمية والدولية من أجل المشاركة في بلورة مستقبل البلاد. وهذا يتطلب من إسرائيل "النزول عن الجدار"، أي التخلي عن سياسة مراقبة ما يجري عن بعد، وأداء دور فاعل، وأن يكون لها موقف، وأن تكون شريكة في تحالف إقليمي ودولي يهمّه إسقاط نظام بشار الأسد وضمان الاستقرار في سوريا في المرحلة التي تلي ذلك الإسقاط. وتتضمن نافذة الفرص التي انفتحت أمام إسرائيل، على سبيل المثال من خلال الاحتمالات التالية: 1. فتح قناة للحوار مع تركيا والدول العربية المعتدلة – الأردن والسعودية ودول الخليج، وحتى مع مصر بشأن مستقبل سوريا. 2. إقامة حوار غير مباشر بواسطة دول غربية أو بواسطة لاعبين إقليميين، مع عناصر في المعارضة السورية، على الأقل مع الذين لا يتماهون مع التيار الإسلامي والقريبون من الولايات المتحدة والدول الأوروبية وحتى تركيا. 3. إجراء حوار مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية وحتى مع روسيا، وذلك انطلاقا من كون إسرائيل لاعباً فاعلاً وقادراً على المساهمة في اتخاذ هذه الدول قرارات تتعلق بالموضوع السوري، وذلك بفضل فهمها الجيد لما يحدث في سوريا. وفي المقابل، فإن على إسرائيل الاستعداد لمواجهة الانعكاسات المحتملة لما يحدث في سوريا، وبينها انعكاسات انهيار النظام السوري على الأردن ولبنان اللذين يشكلان ساحتين مهمتين لإسرائيل. ففي الأردن يواجه النظام الهاشمي احتجاجاً شعبياً متواصلاً، وفي حال سقوط نظام الأسد فإن هذا الاحتجاج سيزداد. أمّا في لبنان، فإن هناك وضعاً قائماً [يتسم بالهدوء على طرفي] الحدود المشتركة منذ سنة 2006 ، وهذا الوضع القائم قد يتصدع في أعقاب الانقلاب في سورية وانزلاق "الثورة" إلى لبنان به، الأمر الذي سيؤجج التوتر بين السنّة والشيعة في الدولة، وسيؤدي إلى زعزعة استقرار الحكم ويضعف قدرة لبنان كدولة، وكذلك قدرة حزب الله على المحافظة على الهدوء على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستنجح إسرائيل في مواجهة تهديدات الأمن الجاري التي ستظهر أمامها في حال حدوث سيناريو سقوط النظام السوري؟ وهل ستعرف كيف توظف مثل هذا السيناريو في خدمة مصالحها؟ إن الاستراتيجية الإسرائيلية إزاء تركيا والدول العربية المعتدلة وتجاه سوريا المستقبلية، مرتبطة بسياسة إسرائيل العامة إزاء ما يحدث حولها، وبعلاقاتها مع المصريين ومع الفلسطينيين. |