- إلياس المغتربنائب مؤسس الموقع
- رقم العضوية : 2
الدولة :
عدد المساهمات : 7389
نقاط : 432899
السٌّمعَة : 28
تاريخ التسجيل : 22/12/2012
هل يضمن الإنتاج المشترك حرية السينما العربية ؟
الله
يطرح موضوع الإنتاج السينمائي العربي إشكالات مادية وفنية وثقافية ساهمت مجتمعة في تهافت قيمة كثير من الأعمال، وهو ما دفع ببعض المخرجين إلى اللجوء إلى المؤسسات الثقافية الغربية لدعم إنتاجاتهم. غير أن هذا الدعم يثير أسئلة حول مدى قدرة المبدع العربي على التوفيق بين الحفاظ على رؤاه الفنية وتلبية انتظارات الجهات الممولة. بعد نجاح فيلم "بعد الموقعة" إخراج يسري نصر الله وهو إنتاج مصري أوروبي مشترك، وتواردت أنباء عن بدء تصوير فيلم بإنتاج مشترك آخر بعنوان "أنا مصري" من إخراج كريم إسماعيل، استشعر العديد من النقاد وصناع السينما الأمل في عودة دوران عجلة الإنتاج المشترك بين مصر وبعض الدول الأوروبية بعد حالة من التكلس منذ رحيل يوسف شاهين، مما يؤدى إلى ذيوع صيت السينما المصرية في الدول الغربية، بينما حذر آخرون من سلبيات هذا التوجه. وفي هذا السياق تقول الناقدة الفنية ماجدة خير الله: "إن عودة الإنتاج المشترك بين أوروبا ومصر تمثل فائدة كبيرة للفيلم المصري من حيث إمكانية التوزيع على نطاق أوسع وفتح أسواق جديدة ومساعدة السينما على الاستمرار دون توقف، خاصة أن أغلب شركات الإنتاج المصرية تهاب المجازفة". واستنكرت خير الله بعض ردود الفعل التي تهاجم فكرة التعاون مع شريك أجنبي في الإنتاج السينمائي بحجة أنه يستهدف فرض وجهة نظر الشريك الغربي على الفيلم، موضحة أنه بشكل عام لا تستطيع أي جهة أجنبية أن تفرض على الجانب المصري تقديم شيء لا يرغب في تقديمه، وبالتالي فإن ما ينعكس في الفيلم يمثل قناعات ووجهة نظر صانعيه فكرياً وفنيا وليست قناعات الجهات الأجنبية المنتجة له، ومن يقول غير ذلك فإنه يعاني من الأوهام، لافتة خاصة إلى أن السينما المصرية والدراما التلفزيونية أغلبها بتمويل عربي، خاصة تمويلات الخليج، فلماذا لا تتم إثارة هذه الحجة هنا؟ وأشارت خير الله إلى أن السينما العالمية تعتمد بشكل كبير على أسلوب الإنتاج المشترك بين أكثر من دولة، وبالتالي لابد من العمل على زيادة فرص هذا التوجه في السينما المصرية خلال الفترة المقبلة. من جانبه، أكد المنتج كامل أبو علي أن الإنتاج المشترك للأفلام السينمائية يحقق الانتشار للسينما المصرية في دول الشرق والغرب، كما أنه يعكس الثقة في صناعة السينما المصرية ويزيد من ثقة الجمهور في الداخل والخارج بهذه الصناعة، لافتا إلى أن العودة إلى الإنتاج المشترك مع أوروبا يعد إحدى خطوات النهوض بصناعة السينما خلال الفترة المقبلة. وطالب أبو علي شركات الإنتاج المصرية بضرورة تحرّي الشفافية والثقة واحترام التعاقدات مع شركات الإنتاج الأجنبية، للحفاظ على العلاقات معها من أجل إنتاج مزيد من المشاريع السينمائية المشتركة، محذرا الشركات المصرية من اتباع أسلوب "الفهلوة" المعتاد في تعاملاتها مع الشركات العالمية. وأوضح الناقد محمود قاسم أن الشركة الفرنسية التي شاركت في إنتاج فيلم "بعد الموقعة" يركز عملها على الإنتاج المشترك مع شركات أخرى، وبعض القنوات الفرنسية في عمليات إنتاج بسيطة لا تحقق مكسبا حقيقاً للسينما المصرية، لافتا إلى أنه على مر تاريخ السينما المصرية، بدت غير قادرة على تقديم إنتاج مشترك قويّ. وأضاف قاسم أن المكسب الحقيقي للسينما المصرية سيكون عندما تتعاون شركات الإنتاج المصرية مع نظيراتها العالمية، خاصة الأميركية لإنتاج عمل بتكلفة ضخمة ينقل السينما المصرية نقلة جديدة قوية، إذ أن الأفلام المصرية ذات الإنتاج المصري الأوروبي التي عرضت في أوروبا لم تستطع تحقيق إيرادات كبيرة، ولا يستمر عرضها لفترات طويلة نتيجة ضعف الإنتاج والتسويق للفيلم. وأشار قاسم إلى أنه بشكل عام فإن الإنتاج المشترك بين طرف مصري وآخر أجنبي أحيانا له مساوؤه إذا تحدثنا عن المسائل السياسية إذ إنها تقيد حرية تداوله في المهرجانات المختلفة التي تواجه خلفيات أو تاريخاً سيئاً مع مصر مثل إسرائيل أو غيرها من الدول، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن المنتجين المصريين يمتلكون إمكانيات هائلة وهم قادرون وحدهم على الاشتراك في تقديم إنتاج سينمائي قوي. ومن جانبه، أشار المنتج والمخرج هاني جرجس فوزي، إلى أن الفائدة التي تعود على الفيلم المنتج بأسلوب الإنتاج المشترك مع جهة أوروبية أو غربية في شهرته، إذ أن هذه الأفلام دائما ما تقدم أفكاراً خاصة ومختلفة جداً وموضوعات في الغالب غير تجارية، إلى جانب أن صانعيها غالبا ما يكونون من تلامذة المخرج الكبير يوسف شاهين، الذي كان يسير على النهج نفسه، وبالتالي يحصل الفيلم على منحة من إحدى الجهات الفرنسية في مقابل عرض الفيلم على إحدى القنوات الفرنسية، وبالتالى فإن هذه الحالات فردية ليس لها تأثير قوي على الحركة الداخلية للسينما المصرية، لكن إذا تطورت مع الوقت فإنها ستساعد على زيادة إنتاج أفلام مثل "بعد الموقعة" و"ميكروفون" و"باب الشمس" وغيرها من هذه النوعية. أما على المستوى الخارجي، فيرى جرجس أن التأثير يكون محدوداً، لأن من يتابع هذه الأفلام هم المثقفون والمهتمون من الجمهور القريب من الثقافة الأوروبية، وليس الجمهور العادي، مشيراً إلى أن تحقيق الانتشار العالمي للفيلم المصري وتساويه مع نظيره الأميركي يتطلب تكاليف وميزانيات إنتاجية ضخمة وأعواماً من المحاولات الفاشلة والناجحة، لأنه من الصعب انتشار اللغة والطباع والثقافة المصرية مثلما حدث مع الولايات المتحدة الأميركية، ضارباً المثل بالسينما الهندية "بوليوود" التي قطعت شوطاً كبيراً في التطور والانتشار. |