- إلياس المغتربنائب مؤسس الموقع
- رقم العضوية : 2
الدولة :
عدد المساهمات : 7389
نقاط : 432739
السٌّمعَة : 28
تاريخ التسجيل : 22/12/2012
الجوائز الأدبية و"زوابع" الانتقادات
المبدع
لئن تنوّعت في العالم العربي المؤسسات المانحة للجوائز الأدبية، فإن إسنادها لجوائزها لم يسلم يوما من "التشكيك" في صدقيتها من قبل بعض الكتّاب، ولم يخل الإعلان عنها من غمز بالمنابر الإعلامية، وهو ما قد يشي بكون جوائزنا فقدت قيمتها المعنويّة لدى المبدعين ولم يبق منها عندهم سوى قيمتها المالية. تمثّل الجوائز الأدبية الجسر النفسي الذي يربط الكاتب بمجتمع قرّائه، وقد يكون المبدع نفسه في أشد الحاجة إليها، باعتبار أن الجائزة أداة تشجيع. غير أنّ منح الجائزة لمن يستحقها ظلّ أمرا محلّ جدل بين المثقّفين. وهو ما سيحاول هذا التحقيق الخوض فيه. الجوائز تؤمّن حياة الكاتب يؤكّد الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي أن "مسألة الجوائز مهمة لأن المثقف كما يقولون سفير العصر، إن من يشتغل بالكتابة لا يجد الوقت الكافي ليجمع ما يؤمن به حياته، ولو رجعنا إلى الشعراء قديمًا لوجدنا أن من احتفظ التاريخ العربي بأسمائهم هم أولئك الذين عاشوا في بلاط الملوك، وتوفرت لهم سبل تأمين حياتهم، فانصرفوا إلى الأدب، وهناك كثيرون من المغمورين كتبوا ولهم كثير من الأعمال، ولكن الأضواء لم تكن مسلطة عليهم لأنهم لم يكونوا في المكان الذي يتمركز حوله الحديث، فالحديث يتمركز في البلاط.. في العصر الحديث الأشياء تغيرت، تغير النظام السياسي، وتغيرت المعطيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. أصبح الأديب مختلفًا نفسيًّا واجتماعيًّا عن عالمه، من هنا تكون الجوائز مهمة للكاتب لأنها تمنحه قدرًا كبيرًا من الوجود". "البوكر" من أكثر الجوائز موضوعية في رأي الروائي بهاء طاهر "الحائز على جائزة البوكر 2007" أن المأمول هو أن يكون أثر تعدد جوائز الأدب على حركته في العالم العربي إيجابيا جدا؛ لأن الأدباء العرب في احتياج إلى هذا التشجيع بدليل وجود العديد من الأدباء في جائزة "البوكر" وغيرها كذلك.. لافتًا النظر إلى أنه على الرغم من أن الجوائز في الوطن العربي متعددة، لكنها لم تعطِ الأديب ما يستحقه والتي من المفترض أن يحظى بها في بلاده، خاصة أنه يجاهد دائمًا بموهبته من أجل تغير وجه المجتمع ليس للأدب فقط، بل للثقافة الشاملة بشكل عام. وأشار طاهر إلى أن جائزة بوكر العربية أو باسمها الحقيقي هو "الجائزة العالمية للإبداع الروائي" من أكثر الجوائز موضوعية لأن مجرد التفكير في منح أحد الأدباء الجائزة يستغرق الكثير من الوقت الذي ربما يكون مديدًا حتى يتم إصدار النتيجة بعد القيام بإجراءات معينة تأتي خلالها لجنة موكلة بالبحث والتقصي لتفنيد الاختيار ثم لجنة أصغر منها، وبعد ذلك يقومون بعملية "غربلة" باختيار مجموعة من الروايات ثم تصفيتها إلى عدد محدد سلفًا، معتقدًا أن هذا بالقدر الإنساني الممكن ضمانات للحيادية والنزاهة بقدر الإمكان. الجوائز تساعد على ظهور نجوم زائفين وتساءل الأديب جمال الغيطاني :"هل الأعمال الأدبية التي تُحدث صدى واسعًا في عالمنا العربي تكون بقدر الاهتمام المطلوب، أو أنها موجة ضجيج افتعلها المثقفون؟! وهل ما يقال عن الشكوك التي تسيطر على الوسط الثقافي حول مصداقية جوائز الجهات العربية، وأنها تصنع خلال مجموعة من الشللية والمجاملات الرائجة فيما بينهم حقيقي أم إنه افتراءات؟". وأكد أن "أغلب الجوائز في الوطن العربي مطعون في نزاهتها، وأن البعض أشاع أن حصول الأدباء على بعض الجوائز جاء عبر علاقات خاصة، وأنها لا تعبر عن جودة العمل وقيمته الأدبية الذي فاز عنه بالجائزة. هذا يأتي وسط العديد من الصور السيئة التي يختزنها البعض عن الجوائز، وهو كذلك ما يزخر به العالم العربي، وعلى سبيل المثال هناك الكثير من الإعلاميين حصلوا على العديد من الجوائز، وأصبحوا بعد ذلك مثار جدل رغم محدودية قدراتهم، والسبب هو سيطرة الشللية وذيوع الواسطة وانتشار العلاقات الدبلوماسية والعامة، التي ساعدت على ظهور طبقة من النجوم الزائفين!". وأضاف الغيطاني قوله: "هل معنى هذا اللغط الدائر أن جميع المؤسسات الثقافية التي تمنح الجوائز لا تعبأ بالمعايير السليمة الواجب توافرها في العمل المكرم للأديب أو للإعلامي؟ هل من الضروري وضعها جميعًا في قفص الاتهام دون استثناء؟! فمن الأحكام الجائرة أن نضع كل المؤسسات في قفص الاتهام المشبوه، خاصة في ظل وجود أعداد منها مشهود لها بالنزاهة والشرف، ولا تسيطر عليها أية أهواء عند اختيار الأعمال". الإبداع هو صانع الجوائز وأشار الشاعر فاروق شوشة إلى الاتهامات التي تلاحق معظم المؤسسات الثقافية في المنطقة العربية من كل اتجاه، متسائلًا هل بهذا يتم التعامل مع الجوائز بقدر من الانتفاء للسبق الأدبي داخل الأمة الثقافية العربية، أم أنها مجرد أقاويل مبالغة؟! وأكد أن الجوائز لا تصنع الأديب المبدع لأن الإبداع هو صانع الجوائز الأوحد، بل كل ما تريد الجائزة أن تقوله هو: إنها تقدير وتسليط للأضواء على أعمال الكتاب لحمياتها من الاندثار أو النسيان واعتراف بهذا الإبداع، ومن الضروري أن نحفظ البحث عن المبدعين بميزان الأدب الفاعل في المجتمع ومن يستحق الجوائز حتى يمكن السيطرة على حركة الأدب الزائفة وتوقيفها مقابل الاحتفاء بمن هم أكفاء قادرون على العطاء الأدبي البناء، مع الحرص على ألاّ يفوز بالجوئز من لا يستحق. أغلب الاتهامات باطلة من جانبه انتقد يوسف زيدان، الحائز على جائزة البوكر 2008 عن روايته "عزازيل"، الأحوال الثقافية العربية السائدة خاصة بعد فوزه بالجائزة وانقلاب الجميع ضده في ما سماه "بالزوبعة"، وعلى الأخص من جانب بعض الجهات الدينية ورجال دين، مطالبًا بضرورة وضع ضوابط محكمة للفائزين بالجوائز العربية، وألاّ يترك الأمر إلاّ للنقاد والكتاب حتى تكون الجائزة فوق مستوى الشبهات. وقال: "إن روايته تم التعامل معها من خلال أفكار سلبية ومناظير خاطئة بعيدة عن واقع النص الأدبي في الرواية، مؤكدًا أن روايته ليست هدمًا لمعتقدات أو تحاول المس بأية أديان، وإنه ليس المسؤول عن فوزه بالجائزة، ولم يتدخل فيها ولم يحاول أخذها من أي كاتب آخر، مؤكدًا في السياق ذاته أن جائزة بوكر العربية نزيهة ومحترمة وبعيدة عن كل الشبهات التي يحاول بعض الانهزامين إلصاقها بها، مضيفًا أنها لا تقل أهمية وقدرًا عن نظيرتها الإنجليزية، التي تتبع تطبيق الإجراءات والمعايير الأدبية والمهنية نفسها اللازمة للفوز بها". |