- إلياس المغتربنائب مؤسس الموقع
- رقم العضوية : 2
الدولة :
عدد المساهمات : 7389
نقاط : 432739
السٌّمعَة : 28
تاريخ التسجيل : 22/12/2012
المرأة تقـرأ الرواية الإباحية الأنثوية..في غفلة عـن زوجها !
"إي. آل. جيمس" و"أناييس نان": الإباحية في السرد هي حب أدبي لا غير تشهد المكتبات الفرنسية عامة والباريسية خاصة إقبالا لافتا على الروايات الجديدة سواء لكتاب معروفين أو لكتاب مغمورين يقرعون باب النشر لأول مرة، ولكن ذلك الإقبال فاتر مقارنة باندفاع القراء، النساء خاصة، على رواية إباحية لكاتبة إنكليزية مغمورة تدعى "إي. آل. جيمس" " واسمها الحقيقي إيريكا ليونارد" حققت مبيعات خيالية إثر صدورها في أميركا فاقت الأربعين مليون نسخة. بخلاف كاتبات الرواية الإباحية الشهيرات في القرن العشرين وعلى رأسهن أناييس نان، مثلا، اللواتي شققن الطريق بالمثابرة والقصد ليعتلين قمة هذا النوع من الادب تبرز ايريكا لينارد ككاتبة صدفة. على غرار الإنكليزية "ج. ك. رولينغ"، التي جاءت إلى الكتابة صدفة، وحققت بسلسلة روايات "هاري بوتر" المجد والثراء، كانت الصدفة أيضا هي وحدها التي قادت إيريكا ليونارد إلى عالم الشهرة. فالكتاب "وهو ثلاثية" كان في بدايته حلقات دأبت هذه السيدة على نشره على الإنترنت في موقع FanFiction.net، قبل أن تتلقفه دار نشر صغرى تدعى فنتاج بوكس Vintage Books، التابعة لدار النشر الأميركية الكبرى رندوم هاوس Random House التي قررت بدورها إعادة طبعه بعد نفاد مليون نسخة في طبعته الأولى. وقد حقق الكتاب رواجا يضاهي ما حققه "هاري بوتر"، و"شيفرة دا فنشي" للأميركي دان براون، حتى أن شركة يونيفرسال شرعت في إعداده للسينما، فيما المهتمون بالتسويق يبتكرون له وسائط موازية، سواء رقمية أو أدوات خاصة تباع في حوانيت الجنس. الكتاب يحمل عنوان "خمسون ظلا للرمادي" في جزئه الأول، و"خمسون تنويعة أكثر سوادا" في جزئه الثاني و"خمسون تنويعة أكثر وضوحا" في جزئه الأخير. ويروي علاقة غرامية بين أنستازيا، وهي طالبة، في الثانية والعشرين من العمر، وكريستيان غراي الملياردير الذي يكبرها بستة أعوام. سرعان ما تتحول إلى معاشرة جنسية حامية تبتكر لها الكاتبة أوضاعا تذكر بأفعال الماركيز دي ساد، وتبتدع أدوات كتلك التي تستعمل في العلاقات الشاذة، كالسياط والأصفاد والحبال والكمامات وما إلى ذلك من الوسائل التي تطفح بها أفلام الإثارة والدعارة. وبالرغم من أن الكتب الإباحية ليست غريبة على المجتمع الفرنسي، فإن النقاد قابلوا هذه الرواية بازدراء وامتعاض، ليس من باب التعفف، ولكن لأنها مصوغة بلغة رديئة، تخاطب في الإنسان نصفه الأسفل دونما إضافة، ودونما غوص في أعماق النفس الإنسانية لفهم العلاقات الحميمية التي تربط الرجل بالمرأة. ويذكّرون بأن كتابا كبارا تركوا آثارا قيمة في هذا الباب، مثل "العلاقات الخطرة" للاكلوس و"عانة إيرينا" للويس أراغون، و"حكاية العين" لجورج باطاي، و"نوتردام دي فلور" لجان جينيه، و"ميكانيكا النساء" لكالافيرت، و"السيدة الجالسة في الرواق" لمرغريت دوراس و"شتاء الخديعة" لأناييس نان، فضلا عن الآثار الكلاسيكية لكلود لوبوتي وغودار دوكور التي يعاد نشرها هذه الأيام. والغريب أن قارئات تلك الرواية في أميركا وبريطانيا وفرنسا – وأغلبهن نساء متزوجات – يعتبرن الرواية ثورة جنسية جديدة، ويدّعين أنهن استعدن بفضلها أنوثتهن، ربما لأن واقع الحياة العصرية، بما فيه من مشاغل ومتاعب ونظام إداري صارم يباعد بين الزوج وزوجته ولهاث خلف تحقيق المطامح الدنيوية، قد حكم عليهن بالبرود الجنسي. أو هن يستطبن بين الحين والحين قراءة هذا النوع من "الأدب" في غفلة من الأزواج والأطفال، وكأنهن يستعدن مراهقة ولّت. وهو حال جانب من القراء العرب " وربما القارئات أيضا "، الذين يقبلون على مواقع الإنترنت لتحميل "الروض العاطر في نزهة الخاطر" لمحمد النفزواي، و"رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه" لأحمد بن سليمان، و"نزهة الألباب في ما لا يوجد في كتاب" لأحمد التيفاشي، و"رشف الزلال من السحر الحلال" للسيوطي. ما يشفع لمصنفاتنا العربية القديمة أنها وضعت لغاية التربية الجنسية وبطلب من الحاكم أحيانا، أو أنها تروي قصصا غريبة لاستخلاص عبرة، كما في "ذم الهوى" لابن الجوزي مثلا، أو تعرض حكايات طريفة لا تخلو من إفادة حول طبيعة العلاقات في عصر ما، كما في بعض حكايات ألف ليلة وليلة، أما أن يكون الجنس مقصودا لذاته، في غياب أية ضرورة فنية، وفي أوضاع شاذة تسودها نزعة سادية مازوشية، فذلك ما تستهجنه حتى المجتمعات الغربية نفسها، برغم ما تشهده من حرية جنسية لا حدود لها. يقول الفرنسي جوليان غرين في يومياته الصادرة عام 1971: "ما يحدث تحت الحزام قد يكون أخّاذا، ولكنه عاديّ وتافه". |