لماذا يخرج الحب من الشباك بعد الزواج !

الانتقاد اللاذع للطباع يحول مشاعر الحب إلى كره

القاهرة – بعد انقضاء شهر العسل يبدأ أغلب الأزواج رحلة معاناتهما مع المشاكل بسبب اختلاف طباعهما، وتبدأ العيوب في الظهور ويتحول البيت إلى جحيم لا يطاق، فيحاول الرجل الهروب من المنزل بالسهر إلى وقت متأخر والمرأة تجد عديد الحجج فتكثر من زيارة أهلها هربا من زوجها، رغم أن هذه المشاكل والتناقضات طبيعية وتنشأ نتيجة تغيير العادات والتفاعل الطويل بينهما وفق ما يشير علماء النفس.


يقول رفعت ماجد المتزوج منذ 3 سنوات "إن المرأة لا تريد من الدنيا سوى رجل، فإذا حصلت عليه طلبت كل شيء، لذا عندما تغيرت زوجتي بعد الزواج، لم أنزعج كثيرًا، لأنني أدرك أحاسيس المرأة جيدًا وعواطفها التي تقودها في كل مرحلة إلى التعبيرعن مشاعرها بصورة مختلفة".

ويضيف "إن تناقض المرأة في بعض الأحيان يكون إيجابيًّا، خصوصًا مع كثرة المسؤوليات، وقد لا تعجبها في هذه الحالة معظم الأمور و يصب ذلك عادة في خانة المصلحة العامة".

وعن وضعه يقول رفعت "أنا بطبعي أناني في صنع القرار، ولم يزعج هذا الأمر زوجتي قبل الزواج، بل كانت تتنازل وتوافق على قراراتي، لكنها بدأت تتذمر بعد قضاء شهر العسل، ومع ذلك تتنازل وتصبح أكثر مرونة درءًا للخلاف".

ويرى وليد عوض متزوج منذ 7 سنوات، أن "المرأة في حد ذاتها لغز كبير ليس له حل، فعندما تكون في حالة رومانسية وحب، تقدم الكثير والعديد من التنازلات، ولا تنظر في فترة الخطبة إلا إلى الجوانب الإيجابية، ولكنها بعد الزواج تتغير ولا يعجبها العجب، ومهما كانت معجبة بصفات زوجها قبل الزواج، نجدها بعد الارتباط به تنتقده في كل تصرف وفي كل خطوة، دون أن تبدي سببًا مقنعًا".

ويقول مصطفى أنور متزوج وأب لـثلاثة أبناء إنه "على كل زوج أن يتوقع تناقضات زوجته بعد الزواج والإنجاب، لأن المرأة قبل ذلك تكون فرحة بالخطوبة، ولا ترى سوى المحاسن، وما كانت تراه قوة في الشخصية يصبح حبًّا في السيطرة والهيمنة، وما كانت تعتبره كرمًا يتحول إلى إسراف وبذخ من وجهة نظرها".

ويضيف "إن هذه الأشياء لا تزعجه، لأنه يدرك أنها تسعى إلى هدف إيجابي وليس سلبيًّا، فالمرأة إذا أحبت أخلصت، وتمنت أن يكون زوجها في أحسن حال، والمهم في الموضوع أن يكون الرجل أكثر حكمة، وأن يتفاهم مع زوجته، ويسأل عن الأشياء التي لا تحبها، وعليه أن يؤمن بأن المرأة بطبعها متقلبة المزاج، فما كانت تقبله بالأمس قد ترفضه اليوم".

يقول صديقه إسماعيل قاسم موظف، ويعيش في قمة سعادته مع من يحب: "في الوقت الحالي نحن متفاهمان ومتفقان على كل شيء، لكني لا أدري ماذا يحدث في المستقبل، إن المرأة معروفة سلفًا بتغيير نهجها لأسباب خاصة بها".

وترى سوزان أحمد مدرسة، أنها "فعلًا متقلبة الرأي، وقد تمسي على شيء وتصبح على آخر، وقد حدث هذا الأمر عدة مرات بعد زواجها بالشخص الذي أحبته، حيث لم يعد يعجبها الكثير من صفاته وتصرفاته، وتوضح قائلة "كنت أضحك لأية نكتة أو تعليق، واليوم لم تعد تضحكني هذه النكات، فصرت أصفه بأنه شخص غير جاد وكثير الهزل، وهذا الشيء يفقده احترام الآخرين، وبدلًا من احترام رأيي، أصبح يقول لي: إنني متناقضة، بالرغم من أنه في فترة الخطوبة كانت تعجبه تصرفاتي".

وتذكر سوزان بشيء من الامتعاض أن أصحاب زوجها الذين كانت تحترمهم، اكتشفت بعد الزواج بأنهم عديمو الفائدة، وقد أغضب هذا الاكتشاف زوجها ودبت بينهما عدة خلافات، لأنه يعتقد أنها متقلبة ومتذبذبة. أما سامية حاتم المتزوجة منذ 5 سنوات فتقول "إن أحد أسباب تناقض المرأة مع نفسها، والتي تظهر جليًا بعد الزواج، تعود إلى عدم معرفتها التامة بالطرف الآخر، بصورة كاملة وواضحة، فضلًا عن تعود المرأة العربية على كتمان مشاعرها، وعدم مقدرتها على التعبير عن نفسها، أو الإفصاح عما في داخلها".

ويرى أحمد عمارة استشاري العلاقات الأسرية أن الحل الأمثل لهذه المشكلة هو أن يدرك الزوجان طبيعة المرحلة الانتقالية الجديدة لكي يتأقلما عليها، وأن يتقبل كل منهما التغير الذي تفرضه الظروف، دون التفكير في قضية التناقض، بشرط أن يكون لكل شيء حدود.
ويضيف "في الوقت الذي ترى فيه الزوجة أن تغيير الرأي في صفات زوجها أمر عادي، ويرتبط بالمتغيرات الجديدة، فإن تأثير القضية يتوقف على مدى قناعة المرأة بزوجها قبل الزواج وبعده، ويلعب الاختيار السليم دورًا كبيرًا في نجاح العلاقة بين الزوجين".

ويردف قائلا "المثل الشعبي الذي يؤمن به كثير من الناس هو أن "الرجل يجني والمرأة تبني"، فإذا لم يتوفق أحدهما في الاختيار وبدأ يشعر بالإحباط، لأن صفات الطرف الآخر لم تعد تعجبه، سرعان ما يعتقد أنه كان يكذب عليه، لكي يتجمل بينما يكون رد فعل الطرف الآخر غير منطقي، لأنه أيضًا يتخيل أنه يعيش مع شخصية متناقضة، فقد كانت معجبة به وبكل صفاته، والآن تغير هذا الشعور ولم يعد يرى سوى السيئات".

ولا يختلف رأي محمد أبو الحسن، متزوج منذ 25 عامًا عمن سبقوه، فقد أشار إلى أن المرأة طفل كبير، تحب امتلاك كل شيء، وتسعى إلى ذلك بكل الوسائل، وهذا السلوك لا تلام عليه لأنه فطري، لكن قد يدفعها حب الامتلاك إلى الانصياع، حتى لا تخيف الشخص الذي تود إدخاله المصيدة، وبعد الزواج يظهر التناقض الحقيقي بين الشخصية الحالية والسابقة.

أما عن كيفية التعامل مع هذه الطفلة الكبيرة، فيقول إن "الكلمة الحلوة تستطيع أن تحدث نوعًا من التوازن؛ لأن المرأة طيبة وعاطفية أكثر من الرجل، فهي تتأثر بالكلمات الناعمة".
ويرى د. محمد عودة أستاذ الاجتماع بجامعة القاهرة أن "الرجل الشرقي بطبيعته إنسان ازدواجي قائلا "كلنا نحب المرأة المثقفة والجريئة، وعندما نسعى إلى الارتباط بها لا نقبل ذلك، في البداية نرى شخصيتها من منظورها الإيجابي، ونعتقد أن كل تصرفاتها إيجابية، ولكن بالعشرة قد تتغير الصورة، ويصبح ما تقوم به محل انتقاد دائم ومن ثم قد تنقلب حياتهما بسبب بعض هذه المشكلات التي قد تنتج عن تلك السلبيات التي لا تعجب كلاهما".

ويضيف "من المنطقي أن المرأة والرجل يحتاجان بالمقدار نفسه إلى الحب والعطف والحنان والإحساس بالأمان والحرية، فمثلما الرجل مطالب بالتعامل بتهذيب ورقة ودبلوماسية مع زوجته، فالمرأة أيضًا مطالبة بتقدير كل كلمة حب وكل تصرف مهذب يقوم به الرجل، وهنا يكمن السر في السعادة الزوجية بأن يتبادل الزوجان الحب والاحترام والتقدير والتغاضي عن العيوب".