الجنس الطبي : كتاب لبناني جريء يطرق باب المحرمات !

قلّما خاضت الكتابات في مضمار الجنس، فما زال مجتمعنا محافظاً، بل ازداد تزمتاً، علماً ان ما يكتب يرتكز على اسس علمية بحتة، بغية الاطلاع والتوعية، وهما عنصران اساسيان في الحياة المعاصرة. فلم يعد مقبولاً في عصر التلفزيون والانترنت ان يتعرف الاولاد الى الجنس عبرهما، بل الأفضل ان يتحقق الأمر بالكتابات العلمية الدقيقة غير المتزمتة التي تقدم المعلومات بأسلوب علمي وموضوعي واخلاقي.

قبل ثلاثين سنة قرأت لجهاد نصار الطبيب المتخصص في المسالك البولية والعقم، اربعة أجزاء في البيولوجيا والسيكولوجيا، ابرزها كتابان بعنوان "مدخل الى علم الجنس عند الرجل" و"سوسيولوجيا العمل الجنسي".

وضع رائف رضا المتخصص في العجز الجنسي والعقم كتاب "الجنس الطبي – حقائق واثباتات علمية" معيناً للمتخصصين ومرشداً للطلبة الذين يفترض ان تتضمن برامجهم الدراسية ما يفيدهم في مجال الصحة الجنسية وهادياً لكل قارئ في مسيرة حياته الجنسية التي تشغله طوال عمره. والأفضل ان يرتكز في معرفته على العلم وليس على فتاوى الجهلة الذين يدّعون المعرفة في كل العلوم، وهم براء من كل علم.

البروفسور المتخصص في المجال الذي يكتب فيه يقرّب المفاهيم والنظريات والعلاج من القارئ العادي، وهو عمل محدث والخوض فيه علمياً نادر في لبنان والعالم العربي. ويحدد الاسماء والمصطلحات بالعربية والاجنبية. لم يطرح رضا آراء شخصية انما استند الى دراسات عالمية منسوبة الى اصحابها في تحليل المسائل التي تعترض الانسان والعلاجات لها.

وعدا عن المقدمة التي تتحدث باختصار عن الجنس في الحضارات القديمة، اي ما قبل المسيحية، يبدأ بتتبع النشاط الجنسي لدى الانسان من الطفولة مستنداً الى دراسة كنزي الذي وصف فيزيولوجيا الاثارة الجنسية والرعشة من نواحي السلوك والضغط الشرياني وتخطيط الدماغ ونسبة التنفس، ناقضاً نظرية فرويد التي بنيت على ان الرعشة الجنسية المهبلية ناتجة من النضوج الجنسي لدى الانثى. كذلك يرتكز على أبحاث سكوفيلد وماسترز وجهونسون حول الاستجابات الجنسية.

ويعبر من الجهاز التناسلي لدى كل من الرجل والمرأة الى الممارسة الجنسية والتفاعل بينهما، شارحاً بدقة اعضاء الجهازين ووظيفتهما ودورهما، والافرازات والهرمونات وعلاقة هذه بعضها ببعض حسب العمر. ويثير مشكلة الرغبة ودورها في الممارسة والتأثير السلبي للأدوية عليها، فضلاً عن أنواع القذف وحالاته والانتصاب وأنواعه وكيفية حدوثه ومشكلاته وعلاجاته. وهو في كل الحالات يعرّف ويحدّد المشكلات ويصف العلاجات.

وقد ربط البعض بين البرود الجنسي لدى النساء وممارسة العادة السرية، فضلاً عن اضرار أخرى لدى الجنسين. اما ممارسة الذكور للعادة السرية بكثرة فنتيجته خروج الدم جراء احتقان في الحويصلات المنوية، اضافة الى قذف مبكر وعجز جنسي، وهذا يصيب 20% الذكور في العالم و40% من النساء بعد سن الستين. واسبابه عضوية أو مرضية أو نفسية. وغالباً مختلف الحالات يمكن علاجها.

وتوقف عند سن اليأس عند المرأة والرجل أيضاً، معالجاً مشكلات التأخر في الزواج والتغيرات الجنسية والاخصابية، إضافة الى الامراض الجنسية بما فيها الايدز وصولاً الى فيروس التهاب الكبد ومرض البيروني، ويتطرق الى مشكلة قصر القضيب وعلاقتها بالممارسة.

وتطرق الى المقويات وسماها "الافروديزيات" وتاريخها وعصرنتها. واطرف فصل بعنوان "الفيرومونات" أو هرمونات الحاسة السادسة، والتي تؤثر في الجنس بواسطة حاسة الشم، اي الافرازات المترافقة مع التعرق والتي تؤدي الى الاثارة الجنسية! ثم البورنوغرافيا (المشاهد الجنسية) ويبحث في أثر التدخين والكحول والمخدرات في الجنس، ولا يغفل عن تأثير الاعاقات والانحرافات في الجنس اضافة الى أسباب التخنث والمثلية.

أن توجيه الشباب الى قراءة الكتاب يفيد في إبراز العاهات والامراض التي تتسبب بها العلاقات الجنسية الخاطئة، وتشير الى أفضل الطرق للممارسات الصحيحة دون ان تحظّرها أو تتجاهل أهميتها ودورها في الصحة النفسية والصحية والاجتماعية.