|
|
- إلياس المغتربنائب مؤسس الموقع
- رقم العضوية : 2
الدولة :
عدد المساهمات : 7389
نقاط : 431819
السٌّمعَة : 28
تاريخ التسجيل : 22/12/2012
هل كان الغرب العقل المدبّر للربيع العربي؟
هل كان بإمكان حراك الشارع العربي أن ينجحَ، في بعض بلدان "الربيع العربي"، في إسقاط أنظمتها لولا التدخلُ الأجنبي؟ وهل كان بإمكان قادة تلك البلدان التخلي عن كرسي الرئاسة دون ضغط خارجي؟ وهل العاملُ الخارجي هو الذي حسم أمْر إسقاط أنظمة الاستبداد في بعض البلاد العربية؟ تلك جملة من الأسئلة التي أثير حولها نقاش واسع بين المتتبِّعين والمحللين، وكانت الإجابات عنها غير متطابقة، مع ملاحَظة أن أكثرها متفق على الإقرار بدور التدخل الأجنبي في إسقاط تلك الأنظمة، وهي الفكرة التي نؤيّدها نحن، كذلك، استنادا إلى وقائع وحقائق عدة. فريد أمعضشـو لم يكن أحد منّا يَتصوّر أن يُبادر رئيس من رؤساء العرب، الذين أُسْقطوا مِن على كراسيهم، التي اعتلوها عقودا من الزمن، بالتخلي عن ذاك المنصب بطريقة هادئة سلمية، أمام توالي الاحتجاجات الجماهيرية التي جعلت من إسقاط أنظمتهم غايتها الأساسية؛ لأنهم، عمليا، لم يؤمنوا بمبادئ الديمقراطية، من قبيل احترام الإرداة الشعبية بإقامة انتخابات نزيهة والتداوُل السلمي على السلطة وقبول الانتقاد البَنّاء. وتجرّأت بعض الأنظمة على المساس بنصوص دساتيرها بما يضْمن لرأس النظام الترشُّح –وبالتالي الفوز– لولاية رئاسية أخرى، والاستمرار في التربُّع على كرسي الرئاسة إلى حين مغادرته إلى مثواه الأخير. وعمل بعضها كلّ ما وَسِعها الجهد لتوريث العرش ونقله من الأب إلى الابن وَفق إجراءات وترتيبات جرى الإعدادُ لها، بتواطؤ مع أطراف أخرى. لهذه الأسباب، كان صعبا –بل مُستحيلا– قبول الرئيس ترْك منصبه، علما بأنه لم يأتِ إلى منصبه ذاك بطريقة ديمقراطية، بل إن أكثر أولئك الرؤساء جاؤوا إلى الحُكم بانقلابات ودسائس. أياد خارجية لا يَستبعد متتبِّعو الحراك الشعبي الذي شهدته تونس ومصر واليمن وليبيا حضورَ أياد خارجية، إقليمية ودولية، لإنهاء الأنظمة فيها عبر الضغط عليها بطرق مختلفة. ففي تونس، لم يغادر بن علي منصبه، فارّا إلى حيث يستقر الآن، إلا بعد تلقيه أوامرَ بالتخلي عن منصب الرئاسة سلميا، قبل أن يجد نفسَه مُرْغَما على ترْكه بتدخل مؤسسة الجيش أو أي جهة أخرى تملك السلطة لذلك، لاسيما أن الدول الغربية، التي لطالما أيّدته وأبْدَت رضا عن سياسته وتوجهاته، طفِقت تغيّر موقفها – شيئا فشيئا – حين اتضح لها اتجاه مؤشر الصدام العنيف الحاصل بين الشعب والنظام الحاكم. وفي هذا السياق، أكد جون غيسنيل "المخابرات السرية الفرنسية" – في حوار مطوَّل أجراه معه الصِّحافي آلان شويت، ونُشر عامَ 2011 في كتاب بعنوان "في قلب المصالح السريّة: التهديد الإسلامي…طرق خاطئة ومخاطر حقيقية" – أن أجهزة المخابرات والدوائر السياسية في الغرب كانت على عِلمٍ مسبّق بثورات الربيع العربي، بما فيها ثورة الياسمين في تونس، لكنها لم تُخْطر الأنظمة هناك بذلك؛ لأنها كانت ترغب في حصول تغييرات سياسية في المنطقة. ولم تنحَزْ، أيضا، إلى صف تلك الأنظمة في صراعها مع شعوبها. ويستشهد على كلامه هذا بأن بلدان الربيع العربي عرفت، في أوقات مضت، حراكات وانتفاضات ومحاولات انقلابية جابهتها أنظمتها الاستبدادية بعنف منقطع النظير، ولم يتحرك الغرب وإعلامُه لإدانتها وإيقافها، بخلاف ما حدث اليوم. فقد شهدت تونس، مثلا، كما يقول غيسنيل، أحداثا دموية، يفوق بعضها حدة مما حصل في الربيع التونسي الأخير، خلال سنوات 1969 و1978 و1980 و1984، قمعتْها السلطات بوحشية، دون أن يتدخل الغرب لإيقافها. اليد الخفيّة إذا، من الحقائق المشتركة بين الثورات العربية، التي تمكّنت من الإطاحة بأنظمة الاستبداد فيها، كما يقول الباحث المصري جميل مطر، "أن دورا أجنبيا كان موجودا، أو حاول أن يكون موجودا في عملية الانتقال في معظم الحالات. لا أذهب "والكلام دائما لمطر" إلى حدّ تأييد الآراء التي تعتقد أن هذا الدور الأجنبي بدأت ممارسته قبل نُشوب هذه الثورة أو تلك، ولكني أقرأ في وثائق وتصريحات عديدة ما يؤكّد أن نية التدخل كانت قائمة، وبعض الترتيبات للانتقال كانت جاهزة. وأستطيع أن أقول إن هذه النية وتلك الجُهوزية هما من صَميم حقوق الدول العُظمى، التي دأبت على تقديم مَعُونات اقتصادية أو عسكرية، واعتبرت دائما أن هذه المعونات، فضْلا عن كونها في حد ذاتها نوعا من التدخل المُحبّب والمرغوب في شؤون الدول المتلقّية للمعونات، فإنها أيضا حافز كافٍ للتدخل في أي وقت، ولو للمُحافظة على عائد هذه المعونات ومراقبة إنفاقها". ليس بالضرورة أن يتخذ التدخل الأجنبي في ثورات الربيع العربي صورة مباشرة؛ كما حصل في الحالة الليبيّة حين تدخلت طائرات حلف شمال الأطلسي، وشرعت في قصْف مواقع قوات النظام وتدمير آلياته الثقيلة. وإنما قد يتخذ صورا أخرى غير مباشرة؛ من قبيل تدريب المحتجّين، في الثورات غير السلمية، وتوجيههم وإطْلاعهم على خطط النظام وتحرّكاته وتموْقُع آلياته، وتسليحهم. ولعل هذا الضرْب من التدخل هو المُراد بما أسْماه سميث "A. Smith" "اليد الخفيّة". يقول أحدُ النشطاء المغاربة مؤكّدا حضور هذه الأخيرة في الديناميات الثورية العربية الحالية: "ما وقع، ويقع، في عالمنا العربي من ديناميات احتجاجية لا تسقِط عنه فكرة "اليد الخفية". لكنّ المقصود ليس اليد الخفية المتحكمة، وإنما اليد الخفية كما سمّاها آدم سميث؛ أي التي تؤسس للقوانين، وتنسحب إلى الخلف، تاركة الفرصة للدينامية بأنْ تطوّر ذاتها بذاتها، وتفرز بعدَ ذلك ما ينسجمُ مع إمكاناتها الذاتية الاجتماعية". "الباحث المغربي عزيز إدامين" ومن نافل القول تأكيد أمْر يبدو بديهيا جدّا في هذا الإطار، وهو أن تدخل الدول الغربية لا يكون مجّانيا، بل تحْكمه مصالحها الشخصية. وبقدر ما تكون مصالحها كبيرة في أي منطقة، ومكاسبُها المنتظرة مضمونة ووافرة، تكون مبادرتها بالتدخل أسْرع؛ ولعل هذا ما يفسّر، إلى حدّ ما، تدخلها في ليبيا الغنية بالنفط، الذي كان يتحكم في تسْويقه القذافي بمِزاجه المعروف، وعدم تحمُّسها، بالمقابل، للتدخل – بالصيغة نفسِها – في اليمن، رغم أنه كان مصدر تهديد لسُفنها ولوجودها هناك. ويقرّ مفكِّرو الغرب ومثقفوه أن تدخلات قوات بلدانهم العسكرية، في أيٍّ من دول العالم، لا تكون مجّانية، ولا بداعي محبة شعبها، بل تقترن بمصالحَ شخصيةٍ وبثمار، على اختلاف ألوانها، ينتظر الغرب قِطافَها عاجلا أم آجلا، وإنْ حاول الظهور بمظهر مَنْ يتدخل لأغراض إنسانية. فهذا تودوروف "T. Todorov" يؤكد، في كتابه "Les ennemis intimes de la démocratie"، أنه "على امتداد التاريخ، استندت أغلب التدخلات العسكرية على هذه الحالة شبْه الأخلاقية. لكن يظهر أنها ميّزت خاصة المسيحية السياسية الغربية. الخُطاطة ذاتُها: حين يُعْلنون عن مقاصدهم الكونية والأخلاقية؛ بحيث يتعلق الأمر بتحسين قدر الإنسانية، أو أحد جوانبه؛ ممّا يؤجّج الحَماسة، ويذلّل – بالتالي – كل العَراقيل من أجل تنفيذ مضامين مشروعهم…فترات بَعْدُ، سنة أو قرن، سنلاحِظ أن الهدف الذي يزْعم الكونية لم يكن واحدا، بل يناسب بالأحْرى المصالح الذاتية لمَنْ تبنَّوْه". مسْرح للاحتراب الأهلي بخُصوص الثورة السورية الجارية، لم تُحْسم بعدُ لصالح أي طرف، وإنْ كانت التقديرات ترجّح أنّ كِفّتها ستؤول، لصالح الثوار. فبعد العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام من أوروبا وأميركا، وبعد انتقال الثورة السورية إلى طور العمل المسلّح، بدأت الدائرة تضيق حول نظام بشّار، رغم مبادراته بالإصلاح التي لم تجد آذانا صاغية لدى المحتجّين والمعارضة. كما أن الحلّ السياسي للأزمة السورية، التي تعد اليوم من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ كما قال مارك بارتوليني مديرُ مكتب مساعدات الكوارث الخارجية في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بات مُسْتعصيا وغير مرحَّب به من المعارضة الساعية، الآن، إلى توحيد صُفوفها في إطار حكومة موحّدة مؤهلة لقيادة المرحلة الانتقالية. والحلّ العسكري لإنهاءِ تلك الأزمة غير متحقّق بعْدُ؛ بسبب الـفيتو الروسي والصيني الداعم للنظام، ولعدم تحمس الأميركان للدخول في مزيد من بُؤر التوتر في العالم، ولاعتبارات أخرى ترتبط بها المصالح الأميركية، علاوة على الملف النووي الإيراني. وثمة أطراف أخرى تنادي بحظْر جوي على سوريا، وبإقامة منطقة عازلة على حدودها مع تركيا، وبدعْم قويّ للمعارضة المسلحة، دون استبعاد اللجوء إلى خيار التدخل العسكري إذا اقتضى الأمر ذلك. وما فتِئت هذه القوى تطالب بشّارا بالرحيل، وبسحْب قوات الجيش والشّبّيحة من الشوارع، وتُحذره من مغبّة تصدير أزمته إلى دول الجوار، ولاسيما إلى جارته الغربية التي شهدت، في الآونة الأخيرة، اشتباكاتٍ بين مُوالين للنظام الأسدي ومؤيِّدين للثورَة، في طرابلس "باب التبّانة وجبل مُحْسن". وكانت مخاوفُ قد انتشرت مؤخرا بخصوص إمكان لجوء النظام إلى استخدام السلاح الكيماوي المَحْظور، ضد المحتجّين والمسلحين، إذا استشعر قرْبَ نهايته. وأمام استعْصاء الحلّيْن السياسي والعسكري، إلى الآن، في سوريا، تحوّل هذا البلد – كما يقول فيصل جلول – إلى "مسْرح للاحتراب الأهلي بين السوريين من جهة، واختبار للقوة، من جهة أخرى، بين القوى الدولية والإقليمية من الصعْب التحكم بمفاعيله وتداعياته إذا ما أخذْنا بعين الاعتبار الصراع العربي – الإسرائيلي، والملفّ النووي الإيراني، وتطورات ما سُمي بالربيع العربي". ويظل الخاسر الأكبر، في هذه الحالة، سوريا نفسها بما ضاع، ويضيع، منها من طاقات وبنيات ومقدّرات وعلاقات، ثم جامعة الدول العربية التي فشلت في احتِواء الأزمة السورية وإيجاد مخْرج لها، ثم هيئة الأمم المتحدة التي لم تستطع، بعْد، اتخاذ قرار حاسم للتدخل قصْد إنهاء أزمة ذلك البلد العُضْوِ فيها، وأحدِ مؤسِّسي الجمعية العامة بعد الحرب العالمية الثانية. دعم الثورة السورية إن الثورة السورية تتلقى اليومَ دعما خارجيا من بلدان إقليمية وغير إقليمية عدة، سياسيا وإعلاميا ولوجستيا، ومنها دول دعت، صراحة، إلى تسليح المعارضة وتمكينها من وسائل مواجَهة النظام. وبالتالي، فهي لا تقاتل وحيدة. بل إن ذلك الدعم مصدر صُمودها إلى الآن. لكن يبدو أن الدعم المقدّم لها غير قادر على الإسراع بإنهاء الأزمة، وحلْحَلة النظام القائم، وأن التدخل العسكري – تكون كلفة فاتورته أثقل – وَحْدَه الذي يستطيع تحقيق ذلك، وإنْ كان صَعْبا للغاية؛ كما يؤكد الجنرال عاموس يدلين، رئيسُ شعبة الاستخبارات العسكرية السابق ومديرُ معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي؛ لضَخامة عدد جنود الجيش العربي السوري، وامتلاكه ترْسانة أسلحةٍ متطورة جدّا اشتراها من حليفته ومُمَوِّنه بالسلاح: روسيا، وامتلاكه لمخزون مهمّ من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. يرى بعض الباحثين والمتتبعين أن الأوروبيين، بمُفردهم، غير قادرين على وضْع حدٍّ للأزمة الدائرة رَحَاها في سوريا، وأن الولايات المتحدة الأميركية وَحْدها المؤهّلة لذلك، ولكنها ما زالت، إلى الآن، مترددة وغير متحمِّسة للتدخل عسكريا في سوريا، لعدة اعتبارات مرتبطة بمصالحها، واكتفت بدعم المعارضة بصيَغ أخرى غير التسليح. يقول فيْصَل جلول: "إذا كانت الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد المؤهَّل تقنيا لخَوْض حرب خارجية، وإذا كانت تمْتنع عن التدخل لأسبابٍ اقتصادية وانتخابية وجيواستراتيجية، فضلا عن الخسائر التي يمكن أن تتأتّى عن ذلك، وإذا كانت قد حَصَرت مهمتها في الملفّ السوري بتدريب المُعارضين ودعْمهم في تركيا، فإن الرهان على ضُغوط أو تهديدات عسكرية أوروبية يصبح غير ذي جَدْوى؛ وبالتالي ليس بوُسْعها خَوْضَ حرب ناجحة في سوريا، ما يعني أن هجوم التيارات اليمينية على فرانسوا هولاند من باب المُزايَدات المحكومة بالسقف السياسي الفرنسي الداخلي". ومجمَلُ هذا الهجوم أن سلفَه نيكولا ساركوزي كان أجْرَأ حين بادر بالتدخل في ليبيا، إلى جانب حُلفائه في الناتو. ديمقراطية الغرب الزائفة لا ريب في أن هذا التدخل سيُكلّف سوريا ما بعد بشار ثمنا غاليا، لو حدث مستقبَلا! لذا، نجدُ عددا من التيارات السياسية السورية ترفض هذا التدخل. وهنا يحقّ لنا، جميعا، التساؤل: ما الحل، إذا، في فشل الحل السياسي؟ إن مثل هذا الرفض سَمِعْناه في حالات أخرى؛ كالحالة الليبية التي كان فيها معارضون للتدخل العسكري الغربي. ولا جدالَ في أن سبب هذا الرفض هو إدراكهم عواقبَ ذلك التدخل وتبِعاته وتكاليفه الجسيمة. ومهما كان الأمْر، فإنه يظل الخيار الوحيد المُمْكن أحيانا لتفادي "إبادة" قد يُقْدِم عليها النظام، في ظل عدم توازن القوة بين طرفي الصراع، ولتفادي سيناريوهات محتمَلة أكثر دَمَوية وتراجيدية. ولسْنا نقول إن التدخل الخارجي في بلدان الربيع العربي سيؤدي إلى إقامة الديمقراطية فيها…أقصد الديمقراطية الحقيقية. فتجاربُ عديدة سبقت تؤكد أن التدخل الغربي في الدول النامية والمتخلفة لم يُؤدِّ قطُّ إلى إقامة ديمقراطية، بقدْر ما كان عاملَ عرقلةٍ لها، سواء خلال مرحلة الحرب الباردة أو بعدها "مرحلة نظام القطْبيّة الأُحاديّة". فقد دعّمت الولايات المتحدة الأميركية العسكريين للانقلاب على الحكومات الوطنية في بلدانهم، في عددٍ من دول آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، ابتداء من انقلاب الجنرال سوهارتو في أندونيسيا سنة 1965، وبينوتشي في الشيلي سنة 1973، وضياء الحقّ في باكستان سنة 1977، وغيرها من الانقلابات العسكرية، المدعومة أميركيا، والتي لم تُفْضِ إلى بناء ديمُقراطياتٍ في تلك البلدان، بل ترتب عنها قيام أنظمة بوليسية مستبِدّة قمْعيّة تنضَح بالفساد. ومن الأمثلة الحديثة على استبعاد استهداف التدخل الغربي بناء الديمقرايطة في الأقطار المُتَدَخَّل فيها عسكريا التجربةُ العراقية بعد 2003؛ ذلك بأن إعادة بناء الدولة ومؤسّساتها، في العراق ما بعد سقوط صدّام، والتي تمت تحت إشراف مباشر من "سلطة الائتلاف"، وبقيادة السفير الأميركي بول بريمر، لم تؤدِّ إلى إقامة دولة ونظام ديمقراطييْن، كما وُعِد العراقيون قَبْلا، بل إلى بناء سلطة على أساس نظام المُحاصَصَة الطائفية والعِرْقيّة. وقد سبق للِّسانيّ والمفكِّر الأميركي، ذي الأصْل اليهودي، نوام تشومسكي "N. Chomsky" أنْ أكّد سَلبية أثر التدخل الأميركي، في الدول الأخرى، على مسار بناء الديمقراطية، قائلا: "حيثما كان تأثير الولايات المتحدة أقلّ، كان التقدّم على صعيد الديمقراطية أكبر". وإذا كانت الكثرة تبالِغ، أحيانا، في تقدير حجْم التدخل الغربي ودوره الفاعل في إنجاح ثورات بعض بلدان الربيع العربي، فإنّ هناك مَنْ لا يروقه مثل هذا الرأي؛ لِما فيه من تبْخيسٍ ومن تقليلٍ لحجْم التضحيات التي قدّمها الثوار لإسقاط أنظمة الفساد والاستبداد في بلادهم، وتدشين مرحلة جديدة من الانتقال نحو الديمقراطية. |