|
|
- إلياس المغتربنائب مؤسس الموقع
- رقم العضوية : 2
الدولة :
عدد المساهمات : 7389
نقاط : 431819
السٌّمعَة : 28
تاريخ التسجيل : 22/12/2012
انتعاشة السينما المغربية !
"زيرو" فيلم يصور العنف
الحضري
تشهد الساحة السينمائية المغربية انتعاشة كبيرة تتجلى ملامحها في كثرة المهرجانات المختصّة وتنامي عدد الإنتاجات الفنية، ولعل من أسباب هذه الانتعاشة اهتمام سلطات الإشراف بهذا القطاع الحيوي الذي يعطي صورة جليّة عن المجتمع المغربي بكل أطيافه ويعكس نمط حياته في ظلّ ما يعيشه اليوم من انفتاح ثقافي وسياسي واجتماعي. لعل تطور المشهد السينمائي المغربي في العشرية الأخيرة يترجمه تعدّد الأفلام المنجزة وتحوّل الصناعة السينمائية من مجرد قطاع للاستهلاك المحلي إلى قطاع فاعل ومنتج على المستوى الدولي. ويتجلى ذلك في تطور عدد المهرجانات السينمائية وارتفاع عدد الأفلام المدعومة من قبل وزارة الثقافة المغربية. السينما العالمية في ضيافة المغرب أشار نورالدين الصايل، المدير العام للمركز السينمائي المغربي، إلى أن حصيلة الأفلام الأجنبية الطويلة المصورة بالمغرب، خلال سنة 2012، بلغت 25 فيلما طويلا، من فرنسا، وألمانيا وهولندا وأميركا وبريطانيا وإيطاليا، في حين تم تصوير فيلم تلفزيوني واحد من فرنسا، و8 أفلام قصيرة، و3 مسلسلات تلفزية من فرنسا وبريطانيا، ومئة فيلم وثائقي وكذا أفلام إشهارية وربورتاجات. وقد حدد مجموع رخص التصوير الممنوحة خلال سنة 2012، في 1431 رخصة منحت للأفلام الطويلة منها المغربية والأجنبية موزعة ما بين أفلام سينمائية وأفلام الفيديو، والفيلم المتوسط، والفيلم الوثائقي، والربورتاجات. الإقبال على السينما المغربية تمكنت الأفلام السينمائية المغربية، للعام الرابع على التوالي، من منافسة أشهر الأفلام الأميركية والمصرية، المعروضة في القاعات السينمائية الوطنية، كما استطاعت الحصول على العديد من الجوائز الدولية في مختلف المهرجانات الدولية التي شاركت فيها. وحسب الأرقام الصادرة، أخيرا، عن المركز السينمائي المغربي، بخصوص شباك تذاكر الأفلام، التي عرضت بالمملكة، خلال الربع الأول من السنة الجارية، استطاعت 5 أفلام مغربية احتلال المراتب الأولى في قائمة العشرة أفلام الأكثر مشاهدة بالقاعات السينمائية المغربية، ويتعلق الأمر بأفلام "مروكي في باريس"، لسعيد الناصري، الذي احتل الصدارة بـ65 ألفا و398 تذكرة، و"الأندلس يا لحبيبة"، لمحمد نظيف، الذي حل في المرتبة الخامسة "17 ألفا و837 تذكرة"، متبوعا بـ"أياد خشنة" لمحمد العسلي "17 ألفا و531 تذكرة"، و"أكادير بومباي" لمريم بكير "16ألفا و426 تذكرة"، ثم "عقاب" لهشام عين الحياة الذي حل في المرتبة العاشرة "13 ألفا و327 تذكرة". وتبين هذه الأرقام أن الأفلام المغربية احتلت المركز الأول، من حيث عدد التذاكر، التي بلغت 130 ألفا و519 تذكرة، متفوقة على الأفلام الأميركية، التي احتلت الرتبة الثانية بـ77 ألفا و68 تذكرة، من خلال فيلمي "مهمة مستحيلة" لتوم كروز، الذي حل في المرتبة الثانية بـ 41 ألفا و635 تذكرة، و"رحلة إلى مركز الأرض"، في المركز الرابع بـ19 ألفا و840 تذكرة. هاجس الهجرة من أبرز المواضيع التي اهتمت بها الأفلام المغربية خلال العقد الأخير نجد الهجرة السرية ومخاطرها على الشباب، وهي تيمة انصبّ على توصيفها فيلم "مروكي في باريس" لسعيد الناصري، وهو يروي قصة شاب مغربي ميكانيكي، التحق بأخيه في باريس بطريقة غير قانونية من أجل تحسين وضعه الاجتماعي ليصطدم هناك بواقع آخر. كذلك نجد فيلم "باب المدينة"، للمخرج محمد الشريف الطريبق الذي تدور أحداثه في مدينة العرائش التي جعلها المخرج الشخصية الرئيسية ويروي قصة أم تهاجر إلى فرنسا رفقة ابنها إدريس بعد نزاعها مع زوجها مصطفى المصور الفوتوغرافي، وبعد ثلاثين سنة من هذه الأحداث يرى الابن صورة تجمعه بوالده بمدينة العرائش فيقرر العودة إلى هذه المدينة واضعا في نفسه الدفء الاجتماعي وجيران الحي. كما يبرز فيلم "أياد خشنة" للمخرج محمد العسلي، الذي تدور أحداثه في مدينة الدار البيضاء حيث إحدى المعلمات التي تفكر في اللحاق بخطيبها المهاجرالذي يحب جارته في صمت… ويسعى من خلال مهنته كحلاق إلى التنقل بين قصور الأثرياء والمسؤولين من أجل تصفيف شعرهم محاولا من خلال عمله توطيد علاقاته بالطبقات العليا عسى أن يساهم في حل مشاكل الطبقات الدنيا في المجتمع. السينما والمسكوت عنه اجتماعيا والظاهر أن مناخ الانفتاح الثقافي الذي تشهده المغرب مكّن بعض المخرجين من الدخول إلى أعماق المجتمع المديني وتصوير المسكوت عنه في علاقات الناس، وما ينخر البنية الاجتماعية والأسرية من أمراض. حيث تناولت الأفلام الجديدة موضوعات الفساد وواقع الشباب المغربي، والتي صورت لنا المجتمع بكل جرأة على غرار فيلم "زيرو" للمغربي نور الدين الخماري الذي يغوص في عوالم العنف الحضري بالدار البيضاء ودواليب الفساد، وتفاوت الأوضاع المعيشية وتنامي مظاهر التمايز الاجتماعي بين أسر تكافح من أجل الكفاف وطبقة مترفة من أباطرة المخدرات والدعارة والمسؤولين الفاسدين. ولم يشذّ فيلم "يا خيل الله" لمخرجه نبيل عيوش، عن فكرة تعرية مشاكل المجتمع المغربي والدخول في مواضيع كانت إلى وقت قريب مسكوتا عنها، حيث تتمحور الفكرة الرئيسة للفيلم حول أن الإنسان لا يمكن أن يولد إرهابياً، باعتبار أن الظروف الاجتماعية المزرية من فقر وتهميش اجتماعي هي التي تدفع إلى ارتكاب أحداث دموية وإرهابية، مثلما شهدته مدينة الدار البيضاء في 16 مايو/آيار 2003. وتباينت مواقف المراقبين من موضوع فيلم "يا خيل الله" بين من وجده شريطاً سينمائياً يعالج بشكل فني قضية تحول شباب سُذّج وفقراء إلى مشاريع "قنابل موقوتة" تكاد تنفجر في وجه المجتمع في أية لحظة، وبين من رأى فيه نوعاً من النمطية الموجهة إلى الغرب خاصة في "الترويج للكراهية والإسلاموفوبيا". ويبقى فيلم "الدار البيضاء باي نايت" الذي أخرجه مصطفى الدرقاوي من أبرز الأفلام التي غاصت في ما يحدث في الليل وما فيه من فساد وتفسخ أخلاقي. جوانب مضيئة لئن تمكّنت السينما المغربية من معالجة أهمّ القضايا الاجتماعية التي تثقل كاهل المواطن، واستطاعت بذلك أن تكون لها بصمتها الفنية التي تمتاز بها عن باقي السينما العربية، خاصة من حيث "هويّتها" الجغرافية واللسانية وطبيعة الموروث الثقافي، فإنها لم تحتف كثيرا بثقافة الشباب المغربي الراهن، ذاك الذي انفتح بحضارته على حضارات الغرب انفتاح تأثّر وتأثير، إضافة إلى إهمالها الحديث عن موضوع التسامح الذي يميّز المعيش اليومي للمواطن المغربيّ، وكلّ ما يدخل في صلب الانتعاشة الاقتصادية الراهنة. |